
ولدت الدكتورة وفاء سلطان سنة 1958 في بانياس في سوريا وهي طبيبة نفسية حاصلة على الجنسية الأمريكية وتقيم في ولاية كاليفورنيا.تحولت الدكتورة وفاء سلطان إلى نجمة داخل الولايات المتحدة وبعض الدول العربية منذ ظهورها الثاني على قناة الجزيرة متحدثة عن صراع الحضارات في برنامج الاتجاه المعاكس شهر فبراير من السنة الماضية، وهو الظهور الذي دفع عددا من وسائل الإعلام الدولية لتسليط الضوء على تلك "المرأة العربية" التي تحدّت شيخا من شيوخ الأزهر وناظرته بصلابة غير معهودة في العالم الإسلامي. ومنذ ذلك الوقت انقسم المهتمون بالحوار بين الحضارات بين معارض ومؤيد لكلام وفاء سلطان لكن القاسم المشترك بينهم جميعا كان التطرف في تبرير الموقف. فالمناصرون لكلام الدكتورة السورية يدافعون عنها بشدة وينتظرون مقالاتها التي تنشر بعدد من المواقع الإلكترونية بشغف كبير، فيما يرفض المُعادون لها حتى مناقشة أفكارها ويختصرونها في كلمة "ملحدة" و"مخربة لجهود التقريب بين الحضارات" بل هناك من أفتى بإباحة دمها. تقرير واشنطن جمع قائمة الاتهامات التي توجه للدكتورة سلطان وحاورها عبر البريد الإلكتروني، وهي ردت مشكورة على كل أسئلتنا.
تقرير واشنطن : شاركتِ في مؤتمر فلوريدا عن الإسلام العلماني، هل تعتبرين نفسك مسلمة علمانية؟
د. وفاء سلطان : أنا امرأة علمانية الفكر والهدف، مسلمة التربية والنشأة. لقد قضيت أكثر من ثلثي عمري كمسلمة، وليس خياري أن أكون أو لا أكون. الإسلام تاريخي ولهذا التاريخ دور في أن أكون من أنا اليوم.
تقرير واشنطن : هل درست علوم التفسير من قبل؟
د. وفاء سلطان : طبعا درست كتب التفسير من ألفها إلى يائها، وزاد هذا الأمر من رفضي للتعاليم الإسلامية وكرّس قناعاتي حيالها. أعتقد أن كتب التفسير قد زادت من سوء تلك التعاليم على حدّ مثل إفريقي: من يحاول أن يفسر شيئا سيـّئا يزيده سوءا. دعيني أضرب لك مثلا الآية التي تقول: ولا تأتوا السفهاء أموالكم ...". أجمعت معظم كتب التفسير، إن لم يكن كلّها، على أن المقصود بالسفهاء هم النساء والصبيان، وأجمعت تلك الكتب على أن النساء أسفه السفهاء! ماذا تريدينني أن أفعل حيال هذا التفسير يا ـ رعاك الله ـ؟ ! هل تريدينني أن أحني رأسي من شدّة إعجابي؟ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، أية قيمة لرسالة تحتاج كلّ كلمة فيها إلى تفسير؟ وما الحكمة من أن تكون "رسالة الله" معقدة وغير مفهومة وتحتاج إلى من يفسرها لأتباعها. جاء في القرآن قوله " وقرآن مبين"، فأين البيان والوضوح في كتاب كل حرف فيه يحتاج إلى تفسير؟ ما هي مصداقية من قام بتفسيره، ومن أين استمدوا مصداقيتهم تلك؟
تقرير واشنطن : ما هي مشكلتكِ بالضبط مع الإسلام؟
د. وفاء سلطان الإسلام جهاز عقائدي مسئول أولا وأخيرا عن انحطاط الإنسان المسلم فكريا وأخلاقيا. لقد شوه الإسلام المفاهيم وسمّى الأشياء بغير مسمياتها.دعيني أضرب مثلا: في أكثر الكتب الإسلامية توثيقا واعتمادا نقرأ بأن النبي محمد كان يفاخذ عائشة وهي في السادسة من عمرها وهو فوق الخمسين، ثم نقرأ بعد ذلك قول القرآن: "وإنك لعلى خلق عظيم". أليس هذا قلبا وتشويها لمفهوم الأخلاق؟ كيف سيتصرف الرجل المسلم عندما يعتبر مفاخذة الأطفال ضربا من الأخلاق؟ تروي لنا تلك الكتب وبالتفصيل كيف قتل النبي محمد زوج السيدة صفية بنت حيي ابن أخطب وأخيها وأبيها، وفي طريقه من الغزوة مر بالنساء المسبيات ثم ألقى ردائه على صفية فعرف الجمع أنه اصطفاها لنفسه. نام معها في نفس اليوم وهو في طريقه إلى مضربه يقرأ الإنسان المسلم تلك القصة من كتبه ثم يقرأ قول محمد: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فيختلط عليه الأمر ويصبح القتل والاغتصاب أيضا ضربا من الأخلاق. أهكذا تتمم الأخلاق؟!!
تقرير واشنطن: ما هي الخطوط العريضة لما تقولين بأنه مشروعك لإصلاح الإسلام؟
د. وفاء سلطان: أسعى جاهدة كي أعيد المفاهيم إلى مناصبها وأسمي الأشياء بأسمائها. أؤمن إيمانا مطلقا بأن الواقع المأساوي الذي وصلنا إليه يتطلب إعادة تأهيل الإنسان المسلم عقليا وفكريا وتربويا وأخلاقيا، وتلك هي رسالتي ومشروعي. هذه العقلية التي تبلورت خلال أربعة عشر قرنا من الزمن لن تتغير بين ليلة وضحاها. عملية إعادة التأهيل ستكون طويلة وشاقة لكنها واقعة لا محالة.نحن نعيش في عصر الإنترنيت ولا يمكن سد منافذ المعرفة بعد اليوم. عملية التأهيل بدأت وهي، وإن تبدو بطيئة، مستمرة وستسمر يوما عن خلق إنسان جديد. تقرير واشنطن : منذ ظهورك، تبنتك جهات مسيحية بعضها متشدّد مثل موقع الناقد الذي أطلقكِ وبعضها معتدل مثل منظمات الأقباط المصرية، ألم تخشي على مصداقية رسالتك خصوصا وأنك تتناولين فيها دين منافس وبين الدينـَيـْن قرون من الصراع؟
د. وفاء سلطان : لا أعرف ماذا تقصدين بكلمة "تبنتك" وإن كنت أشم منها رائحة كريهة. موقع الناقد هو موقع أنشأه صديق سوري مسيحي متعمق في دراسته للإسلام يصرف على الموقع من ماله وجهده الشخصي. نعم هذا الموقع هو الذي قدمني مشكورا للعالم العربي وأنا مدينة للسيد بسّام درويش بذلك، ولكنه قدم في الوقت نفسه جميع كتابه وأغلبهم مسلمون، منهم المفكر والمؤرخ السيد مالك مسلماني والكاتب السيّد محمود كرم والكاتب السيد خالد السعيد والكاتب السيد حسين ديبان وغيرهم، فلماذا لا أسمع بأن الناقد كجهة مسيحية "متشددة" قد تبنت هؤلاء الكتاب؟ ولماذا أنا الوحيدة التي أتهم بعملية "التبني" تلك؟ ونفس التساؤلات تطرح حيال "تبني" منظمة الأقباط متحدون لي, السيد الدكتور شاكر النابلسي والسيد الدكتور سعد الدين إبراهيم أقوى في علاقتهما مع تلك المنظمة من علاقتي بها وأكثر حضورا وتفاعلا، فلماذا لا توجه إليهما نفس التهمة؟يا سيدتي، أنا التي تبنيت قضية الأقباط وليس العكس. تبنيتها لأنها قضية شعب مضطهد ومظلوم وأنا مع كل مضطهد على سطح الأرض وصوتي هو صوت من ليس لهم صوتوأهم المواقع التي تنشر كتاباتي اليوم موقع "الحوار المتمدن" والكل يعرف بأن هذا الموقع ملكا لحركة يسارية ماركسية فلماذا لا أتهم بكوني يسارية ماركسية؟ هم يحاولون باتهامي بالعمل لصالح اليمين المسيحي تجريد رسالتي من مصداقيتها، وهذا أقل ما يمكن أن يثير قلقي. مصداقيتي، يا سيدتي، تأتي من مصداقية فكري والطريقة التي أوصل بها هذا الفكر لقرائي.الإسلام في صراع، وليس في تنافس كما تقولين، مع كل الأديان والديانات وليس مع المسيحية فقط، ونبي الإسلام افتعل ذلك الصراع.من الناحية الغيبية أنا لا أؤمن بأي دين. ولا أدافع عن المسيحية من تلك الناحية، ولكن من حقي أن أقارن بين السيرة الذاتية لمحمد والسيرة الذاتية للمسيح، معتمدة على المصادر الإسلامية نفسها، لأنني أجد في تلك المقارنة فروقا تستحق الوقوف عندها.
تقرير واشنطن: لماذا توقف القائمون على موقع الناقد عن نشر مقالاتك وحذف تلك التي سبق ونشرتها هناك من قبل؟
د. وفاء سلطان : لم أختلف مع السيد بسام درويش على المبدأ، فنحن صديقان وما زلنا. يؤمن كل منّا بما يطرحه الآخر ويكمله. الخلاف بيننا شخصيّ، وله علاقة بطريقة نشر مقالاتي في المواقع الأخرى. وضع شروطا لم أقبلها. أحترم حقه في أن يضع شروطه، كما يحترم حقي في أرفضها. الكثير من المواقع تنشر اليوم كتاباتي وموقع "الحوار المتمدن" الأكثر انتشارا. تصلني من قرائه مئات الرسائل يوميا وأنا سعيدة جدا بالأثر الذي تتركه كتاباتي.
تقرير واشنطن : أفكارك وجدت صدى كبيرا لدى وسائل الإعلام الأمريكية واليهودية، هل وجدت صدى مماثلا في الدول الإسلامية؟
د. وفاء سلطان: هذا السؤال يسعى لذرّ الغبار في العيون وصرف النظر عن الحقيقة. لقد وصلت إلى وسائل الإعلام الأمريكية واليهودية عن طريق تلفزيون الجزيرة. لو لم تلاقي أفكاري أولا صدى في الدول الإسلامية لما اختارتني الجزيرة. طبعا لم تأتي عملية الاختيار من فراغ ولا عن طريق الصدفة أو القرعة. اختاروني بعد أن لمسوا أهمية الأفكار التي أطرحها وخطورتها على القالب الفكري الحديدي الذي قولب به الإسلام أتباعه. بدأت بنشر أفكاري منذ الأسبوع الأول الذي وطأت به قدمي أرض أمريكا، واستمريت بنشرها حتى تاريخ ظهوري الأول على قناة الجزيرة. الجالية العربية والإسلامية في لوس انجلوس تعرف تماما قصة كفاحي وصراعي مع الصحف العربية هنا، عندما كانت تطردني الواحدة تلو الأخرى. خلال تلك المدة لم يسمع بي جاري الأمريكي الذي يسكن البيت المجاور لبيتي. أما اليوم فلقد أصبحت حديث الشارع العربي والخبز الذي تتشاطره العائلة العربية على مائدة العشاء. هناك الكثير من الجمعيات التي تشكلت وتتشكل سريّة على امتداد العالم العربي التي تتبنى أفكاري وتقوم بطبع مقالاتي وتوزيعها. واحدة منها تضم أكثر من خمسة آلاف عضو وتطلق على نفسها "جميعه أصدقاء وفاء سلطان ". إخفاء الحقيقة، يا سيدتي، لا يلغيها! ومهما تجاهلتني وسائل الإعلام العربية، يعلم القائمون عليها بأنني لا أحتاج إلى اعترافهم بي. كتاباتي تثبت وجودي وأهمية هذا الوجود، وشكرا لعصر الإنترنيت الذي لم يحجني إلى تقبيل أياديهم.
تقرير واشنطن: في مقابلة لك مع مذيع قناة سي إن إن
Glenn Beck قلت بأن الإسلام دين غير صالح للإصلاح وأنه إذا ما أصلح فلن يبقى منه شيء، ثم بعد ذلك قلت بأنك ترغبين في مواجهة المتطرفين الإسلاميين يعني تعترفين ضمنا بأن هناك مسلمين معتدلين؟
د. وفاء سلطان : يتوقف الأمر على تعريفنا لكلمة " اعتدال". إذا قصدنا بالاعتدال رفض التورط في الإرهاب والتطرف، فالشريحة المعتدلة من المسلمين كبيرة جدا. أما إذا وسعنا المعنى ليشمل من يرفض التورط ومن يشجب الإرهاب، فستتقلص تلك الشريحة. ثمّ إذا انتقلنا إلى معنى أوسع فشملنا من يرفض ومن يشجب ومن يعترف بالتعاليم التي تحرض عليه، عندها ستخسر تلك الشريحة القسط الأكبر منها. لكن عندما ننتقل إلى التعريف الأوسع و الأشمل وهو من يرفض التورط في الإرهاب ومن يشجبه ومن يشجب التعاليم التي تحرض عليه ومن يسعى لإيقافه ولو بلسانه، سنحتاج إلى مجهر إلكتروني كي نستطيع أن نرى ما تبقى من تلك الشريحة. ويبقى السؤال: أين هم المعتدلون، ولماذا لا نسمع احتجاجهم على ما يجري باسم الإسلام؟!!
تقرير واشنطن : هل تعتقدين بأن أكثر من مليار شخص يعتنق الإسلام حول العالم مُغرر بهم؟
د. وفاء سلطان : عندما يتعلق الأمر بالعلاقة الغيبية بين الدين والخالق أعتبر أتباع كل الأديان والديانات مغرر بهم وليس المسلمون فقط. لا أؤمن بتلك العلاقة ولا يهمنى البحث كثيرا عن مصداقيتها. يهمني ما جاء في تعاليم الدين، أي دين، وهنا تكمن خطورة التغرير بمليار إنسان.قلت مرارا: آمن بالحجر ولكن لا تضربني بها. نعم أعتبر من يؤمن بالحجر مغرر به، ولكن ليس في الأمر خطورة ما لم يضربني بحجره!عدد المعتنقين لفكرة ما لا يبرهن على مصداقية تلك الفكرة، ولو آمن العلماء بذلك لما استطاعوا أن يقودوا البشرية إلى تلك المرحلة من العلم والتقدم. غاليلو أثبت خطأ ما كان يؤمن به العالم كله، وهو خير دليل وأكبر برهان. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، إذا كان عدد المسلمين يثبت صحة معتقدهم، لماذا لا نعترف بأن المسيحية هي الأصّح مادام عدد الذين يؤمنون بها أكثر بكثير من عدد المسلمين؟ عدد المؤمنين بعقيدة لا علاقة له بقيمة تلك العقيدة ومدى صحّتها! عندما أكون أنا وكل الأمة الإسلامية على طرفيّ نقيض، أمتلك الحق بأن أدافع عن نفسي بنفس المقدار الذي تمتلك به الحق أن تدافع تلك الأمة عن نفسها. البقاء هنا للأصلح، ولا أعتقد بأن أمة تؤمن بالغزو والغنائم وسبي النساء أصلح من امرأة ترفض أن تؤمن بتلك التعاليم، وبالتالي سيكون البقاء حكما لي!
تقرير واشنطن : مادام الإسلام دين غير قابل للإصلاح بنظرك، كيف يجب على المجتمع الدولي التعامل مع المسلمين؟
د. وفاء سلطان: يجب أن يميّز العالم بين الإسلام والمسلمين. الإسلام جهاز عقائدي والمسلمين بشر ككل البشر فيهم الصالح وفيهم الطالح وعملية تأهيلهم ممكنة. أعتقد أن الحل الوحيد لأزمة اليوم هي في ضمان حرية العقيدة في العالم الإسلامي وفتح ذلك العالم لكل العقائد والأفكار. في تلك الحالة ستتنافس الفلسفات والعقائد والأفكار الأخرى مع الإسلام، وسيفقد عندها الكثير من عنفه وقوته وجبروته. استطاع الإسلام أن يحافظ على نفسه بقوة السيف ومتى نرفع السيف عن رقاب البشر ستخسر تلك العقيدة قدرتها على العنف وبالتالي ستقل خطورتها. إن ضمان حرية العقيدة والاختيار في العالم الإسلامي هو الحل الرئيسي، إن لم يكن الوحيد. كما وأنصح العالم كله بوضع تعريف محدد لمعنى كلمة "دين"، لأن أي تعريف لن ينطبق على الإٍسلام. فالإسلام ليس دينا محض، وإنما دين ودولة، دولة تفرض وجودها بالعنف. ومتى خسر الإسلام الشق الثاني من تركيبته ستقل خطورته.
تقرير واشنطن : تقولين بأن موقفك من الإسلام تغير منذ تعرض أستاذك للاغتيال على يد جماعة إسلامية متطرفة عندما كنت طالبة في سوريا، لكن الكثير من الكتاب السوريين نفوا حصول مثل ذلك الحادث واتهموك بتزوير التاريخ، بماذا تردين؟
د. وفاء سلطان : ما شاء الله.. ماشاء الله كم هم حريصون على سلامة التاريخ، وكم هو تاريخنا العربي والإسلامي موثق وبريء من التزوير!. من هم هؤلاء الكتاب ولماذا لا نعرف أسمائهم؟ ما الغاية من تكذيبي، هل لتجريد رسالتي من مصداقيتها أم لتبرئة تاريخ الإخوان المسلمين في سورية؟ الدكتور يوسف اليوسف الذي كان طبيب الأمراض العينية في جامعة حلب في أواخر الثمانينيات قتل على يد عصابة الإخوان المسلمين المجرمة ولقد شهدت عملية القتل. الحادثة واقعة تاريخية لا أحد يستطيع إنكارها. رسالتي أقوى من أن تكذب وتاريخ الإخوان المسلمين أجرم من أن يبرّأ. عندما ذكرت تلك الحادثة في أول مقابلة لي، ذكرتها على سبيل المثال وليس الحصر.لم يقتلوا أستاذا واحدا من أساتذتي وإنما قتلوا اثنين آخرين. لقد خسرت في نفس الوقت الدكتور علي العلي الذي اغتالته أياديهم الآثمة وكان قد درّسني مادة علم الحيوان في السنة الثانية في كلية الطب، والدكتور عبد الرحمن هلال وكنت قد تدربت على يديه كطبيب الأمراض العصبية في السنة السادسة في المشفى العسكري في مدينة اللاذقية. لقد أثر فيّ اغتيالهما كما أثر اغتيال الدكتور يوسف اليوسف، ذكرت اغتيال الدكتور يوسف اليوسف فقط لأنني شهدت عملية القتل الوحشية التي تبرهن على دونيتهم العقلية والأخلاقية والإنسانية.لو عرفت بأن ذكر تلك الحادثة سيأخذ تلك الأهمية في الصحافة الأمريكية لكنت قد أسهبت في شرح جرائمهم التي لعبت دورا كبيرا في تغييري وفي موقفي لاحقا من الإسلام كتعاليم إرهابية.لكنني سأتعرض لجرائمهم في سورية بالتفصيل في كتابي الذي سيصدر قريبا وهو بعنوان: السجين الهارب...عندما يكون الله غولا
تقرير واشنطن : هل صحيح أن حسابك البنكي انتفخ بشكل مفاجئ منذ بدأت تهاجمين الإسلام؟
د. وفاء سلطان : هذا ليس سؤالا، هذا اتهام وتدخل سافر في خصوصياتي! رصيدي البنكي ومصدر ذلك الرصيد أمر شخصي ولا يحق لأحد أن يسأل عنه. ما يهم الناس رصيدي الفكري والعقلي ومصدر ذلك الرصيد. لو قلت لك بأن رصيدي مليون دولارا، هل سيغيّر اعترافي هذا من مصداقية كتاباتي؟ لكن عندما أقول لك بأن الإسلام عقيدة إرهابية وأبرهن لك بالعلم والمعرفة، أكون قد غيرّت الكثير. ومع هذا أقول: ثقي تماما بأن وفاء سلطان هي من أغنى نساء العالم!
تقرير واشنطن : في رد لك نشر في صحيفة الوطن، صفحة آفاق، أكتوبر 1994 كانت لغتك مختلفة تماما عن الإسلام قلت بالحرف "علمني والدي أن الإسلام محبة ونورا وأخلاقا واعترافا بالجميل...ردّدتُ وراءه منذ نعومة أظفاري قول الرسول عليه الصلاة والسلام من آذى ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه خاصمته يوم القيامة.." هذا يعني أن موقفك من الإسلام كان إيجابيا حتى بعد قدومك للولايات المتحدة، فما الذي حدث؟
د. وفاء سلطان : نعم هذا ما علمني إياه والدي وهذا ما حاولت بكل ما أعطيت من قوة أن أبرهن على مصداقيته، ولكن للأسف الشديد الشمس أسطع من أن تخفيها بغربال. عندما توسعت مداركي وعلومي وازداد إطلاعي على التعاليم الإسلامية، ومن مصادرها الرئيسية والموثقة، اكتشفت خيبة ما تعلمته في طفولتي. في أمريكا اطلعت على حقيقة ما قاله محمد وليس فقط على ما قاله والدي، فاكتشفت بأنه قال: "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا"، وهذا القول لا ينطبق مع أخلاقياتي و يتعارض مع أبسط مبادئي.
تقرير واشنطن : انتقد حاخام يهودي تصريحاتك الصحفية واتهمك بتخريب جهود التقريب بين الديانات السماوية الثلاث، هل هذا ما تقومين به حقا؟
د. وفاء سلطان : لم ينتقدني حاخام واحد فحسب، بل انتقدني الكثيرون من الحاخامات سرا وعلانية. صدقي أو لا تصدقي، هم يعبرون عن رأي الكثيرين من اليهود، لليهود قناعة بأنهم لا يستطيعون أن يحافظوا على هويتهم ودينهم إلا بالمطالبة بالحفاظ على كل الأديان والهويات، وأنا أحترم قناعاتهم. أختلف مع الكثير من أصدقائي اليهود في طريقة نقدي للإسلام، لكن كل طرف يحترم حقّ الآخر في الاختلاف. طالما هي "ديانات سماوية" ومصدرها إله واحد يفترض أن لا تكون هناك حاجة للتقريب بينها. لم تستطع أربعة عشر قرنا من الزمن أن تقرب بين الإسلام والديانات الأخرى. هل فعلا تؤمنين بأن وفاء سلطان قادرة على أن تمسخ القرد أكثر مما مسخه ربّه، على حد قول المثل الشعبي؟!
تقرير واشنطن : هل تعتقدين بأن أكثر من مليار مسلم حول العالم هم جميعهم مشاريع إرهابيين محتملين لن يترددوا في تفجير أنفسهم مستقبلا؟
د. وفاء سلطان : لا لا أؤمن بذلك! 90% من المسلمين غير العرب لا يعرفون كلمة واحدة من القرآن، ناهيك عن الحديث والسيرة النبوية. هم يدافعون عن الإسلام دون أن يعرفوا شيئا عنه. لقد قابلت الكثيرين منهم هنا في أمريكا واكتشفت ضحالة معلوماتهم إلى حد يثير الدهشة. قابلت طبيبة باكستانية متعصبة جدا للإسلام، وعند تعمقت في استجوابها اكتشفت بأنها لا تعرف سوى أن تقول "محمد صلى الله عليه وسلم". هذه المرأة محسوبة وأمثالها كعدد على الإسلام. المسلمون العرب هم الأشد خطورة، لأن الإسلام دين عربي وأهل مكة أدرى بهضابها! لم يصل الإرهاب الإسلامي إلى الدول الإسلامية غير العربية إلا عن طريق الإخطبوط الوهابي المدجج بالأموال السعودية.
تقرير واشنطن : وفاء سلطان ممولة من اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة....ماردك على هذا الاتهام؟
د. وفاء سلطان : عندما يفلس الإنسان فكريا يلجأ إلى الاتهام. هذه بضاعتي ألقيتها فلماذا لا يعرضون بضائعهم! هم لا يملكون شيئا ويعرفون في غلالة أنفسهم بأنهم فقيرون معرفيا حتى الفاقة، ولكي يغطوا الإحباط الذي أصيبوا به يلجئون إلى قذفي واتهامي. إنه تصرف بدائي غريزي لم تضبطه لدى المسلمين تربية ولم تهذّبه أخلاق. أين هي براهينهم؟
تقرير واشنطن : وفاء سلطان، مسيحية أم مسلمة أم علمانية، أم مزيج من كل ذلك؟.
د. وفاء سلطان : قلتها حتى جفّ حلقي، أنا لا أؤمن بأي دين وأعتبر الأديان فلسفات أفرزتها الحاجة إليها في الزمن الذي ولدت فيه. لا أفرق بين الإسلام وأي دين آخر من حيث علاقته الغيبية، ولكن أفرق من حيث الفكر الذي يطرحه ومدى خطورة ذلك الفكر على سلامة الإنسان وصحته العقلية. لا أستطيع أن أنكر ماضيّ، فأنا مسلمة التربية والنشأة. والإنسان يسقط خلال سنوات حياته الأولى في المصيدة التي أوقعه بها مربوه، ومن الصعب أن يتحرر كليا من براثن تلك المصيدة مهما حاول، تلك حقيقة علمية! إن كنت لا أخاف أن أنتقد الإسلام، هل تعتقدين بأنني سأخاف أن أعترف باعتناقي للمسيحيّة لو كنت فعلا قد اعتنقتها؟! إنني أحترم البوذية بنفس المقدار الذي أحترم به المسيحية، بل أشعر أحيانا بأنّ البوذية أقرب إلى العلمانية منها إلى المسيحية. إحدى بناتي قررت مؤخرا أن تتعمق في البوذية وبدأت تتردد على معابدها، ليس لدي مشكلة في ذلك وأنا أحترم قرارها. جارتي سوشما هندوسيّة، هي أقرب إلى قلبي من شغافه وأنا أقرب اليها من الوشم بين عينيها! أنا إنسانة علمانية أحترم كل عقيدة لا تتعدى على حدودي، بل تحترم إنسانيتي.
تقرير واشنطن: الكثير من قرائك قالوا بأنهم لمسوا في كتاباتك مؤخرا الكثير من النرجسية والغرور وقد قارنتِ نفسك مؤخرا في إحدى مقالاتك بفولتير، هل لعبت الشهرة بأفكار وفاء سلطان؟
د. وفاء سلطان: الثقافة الإسلامية، يا سيدتي، لا تميّز بين النرجسيّة وحب الذات. بينهما فرق كبير! لا يستطيع إنسان على سطح الأرض أن يحبّ غيره قبل أن يتعلم كيف يحب نفسه . وفاء سلطان تحب نفسها وتحترم تلك النفس، ولأنها ارتوت من هذا الحب هي قادرة على أن تحب غيرها وتعطيه. الإنسان المسلم، إنسان سحقته ثقافته وذوبته في محيطه غصبا عنه. لم تسمح له أن يتبنى كيانا مستقلا يستطيع من خلاله أن يتعامل مع المجتمع، وهذا سرّ فشلنا كمجتمع وكأشخاص. حب الذات هو مصدر الثقة بالنفس، والإنسان الذي يفقد تلك الثقة يفشل على كل الأصعدة ويعجز عن تحقيق أي نجاح. أما النرجسية فهي مرحلة من عشق الذات لا يستطيع عندها المرء أن يرى إلا نفسه وأن يعترف إلا بوجوده، وذلك أبعد ما يكون عن أخلاقية وفاء سلطان. ما زلت أعتز بالكثيرين من المفكرين العرب الذين ألقوا بظلالهم على حياتي، أذكر على سبيل المثال لا الحصر، السيدة الدكتورة نوال السعداوي والمفكر السعودي عبدا لله القصيمي والكاتبة السيدة غادة السمّان والشاعر المبدع نزار قباني. المفكر الدكتور أحمد البغدادي والكاتب السيد محمود كرم والمؤرخ السيد مالك مسلماني والصديق العزيز صلاح الدين محسن كتاب مسلمون لا يقلّون أهمية عني، وأنا أحبهم وأحترمهم وأعتزّ بهم جدا. أنا لم أقارن بيني وبين فولتير أبدا، هذا افتراء. بل تطرقت إلى ما كتبته إحدى الصحف الأمريكية الإلكترونية عندما قالت: The Muslim Voltaire has come! He is Wafa Sultan. ثم أين الخلل في أقارن بفولتير؟ جمهوري أكثر عددا من جمهور فولتير والحاجة إليّ في هذا الزمن ليست أقل من حاجة زمن فولتير إليه. لا ينتابني أدنى شك بأنني سأغيّر كما غيّر وسأساهم في خلق إنسان عربي جديد كما ساهم في خلق إنسان جديد. لكل زمن، يا سيدتي، مفكريه، فلماذا تحرمونني من حقي بأن أكون أحد المفكرين في هذا الزمان؟
تقرير واشنطن : هل سبق لك أن مارست الشعائر الإسلامية؟
د. وفاء سلطان : طبعا، الليالي الرمضانية من أعمق ذكرياتي وأحبها إلى قلبي. لم أكن أمارس كلّ الشعائر بالمسطرة كما كان والديّ يفعلان، لكنني توقفت عن ممارستها بشكل شبه قطعي في أواخر الثمانينات، وكان ذلك إثر الأعمال الإرهابية التي أرتكبتها عصابة الإخوان المسلمين في سورية. لجئوا إلى اغتيال أبناء الطبقة ذات التحصيل العلمي العالي لأنها كانت الفريسة الأسهل، فجّروا القطارات وباصات النقل الداخلي إشباعا لغرائزهم التي أدمنت القتل. كانوا يرشون الضحية بالرصاص وهم يكبّرون ويهللون. بدأتُ أتساءل:أيّ إله ذاك الذي يقبل أن يقترن اسمه بصوت الرصاص؟!! أعطيت ذاك الإله إجازة كي يخرج من حياتي. كنت أعتقد بأنها ستكون إجازة مؤقتة ريثما يتسنى لي البحث عن حقيقته، لكنها مازالت مفتوحة حتى تاريخ اليوم.
تقرير واشنطن : رغم كل الانتقادات في العالم للسياسة العنصرية التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين وضد بعض الإسرائيليين وقد تضمنها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان الذي صدر مؤخرا، إلا أنك تصرين على الدفاع عن إسرائيل فقط لاسيما وأنك وقفت على ممارسات إسرائيل في الأراضي العربية؟
د. وفاء سلطان : هذا افتراء آخر لا أساس له من الصحة. كتاباتي تملأ المواقع العربية الإلكترونية فلماذا لا تذكري ما قلته بهذا الخصوص. إنيّ أتحدى من يستطيع أن يذكر عبارة واحدة لي قلتها وهللت فيها لممارسات إسرائيل في الأراضي العربية. أنا أؤمن بحق إسرائيل في الوجود، ولكنني أؤمن في الوقت نفسه بحق الفلسطينيين بإنشاء دولتهم والحياة بأمن وسلام. الفلسطينيون عانوا الكثير ولا أحد يستطيع أن ينكر معاناتهم، لكنني أعتقد بأن المشكلة في أساسها دينية وليست سياسية محض. عندما نرجع إلى جذور المشكلة الدينية ونتمكن من حلها سيكون حل المشكلة السياسية تحصيل حاصل. أنا لست سياسية، وأحاول قدر الإمكان أن أتجنّب الغوص في مستنقع لا أجيد السباحة فيه. الجانب السياسي من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يعنيني، ببساطة لأنني لا أعرف الكثير عنه. ما يعنيني الجانب الإنساني وأنا مع حق الطرفين في أن يعيشا بأمن وسلام، وضدّ كلّ عمليات العنف التي يرتكبها كلّ طرف بحقّ الآخر. الحوّار في رأيي سيّد الموقف في العصر الحديث، وعلى الطرفين أن يجيدا فنه وأخلاقيته.
تقرير واشنطن : هل تلقيتِ أي دعوة من جامعة في بلد إسلامي، وهل يمكن أن تزوري دولة إسلامية للدفاع عن أفكارك؟
د. وفاء سلطان : طبعا لم أتلق، ولا أعتقد بأنني سأتلقى في المستقبل القريب. أفكاري غير مرحب بها في العالم الإسلامي لأنهم يخافون منها ولا يستطيعون أن يواجهوها بالحجة والمنطق. أنا مستعدة لزيارة أي بلد إسلاميّ يوجّه لي دعوة، وسأكون في قمة سعادتي.
تقرير واشنطن : بماذا تنصحين النساء المسلمات؟
د. وفاء سلطان : أنصح المرأة بأن تقرأ وتتعمق في البحث، فالمعرفة قوة. لا تكوني تابعة بل مبدعة. وضع المرأة في العالم الإسلامي مأساوي، ومسؤولية المرأة قبل سواها أن تواجه هذا الواقع بشجاعة ورباطة جأش. صاحب السلطة لن يتخلى عنها بسهولة، والرجل في عالمنا سلطويّ بالمطلق. لا أدعو إلى تصارع معه، بل إلى عقلانية، فهو يحتاج إلى إعادة تأهيل والمرأة معنيّة بتلك المهمة الصعبة. أنت نصف المجتمع من حيث العدد، لكنّك أكثر بكثير من حيث الأهمية. لقد قلل الإسلام من تلك الأهمية بإدعائه أن الله قد خلق الإنسان من نطفة. لم يذكر دور المرأة وافترض بأنها مجرد حاضنة. علميّا، أنت تعطين نصف ما يعطي الرجل من حيث المادة الوراثية بالإضافة إلى كونك حاضنة للخلاصة التي تنجم عما يعطيه كلاكما، وبعد أن تنجبين تلك الخلاصة أنت المسئولة عن تربيتها وتحويلها إلى إنسان كامل وسليم. لدورك في المرحلة الجنينية وما بعد تلك المرحلة أهمية كبرى. وضعك النفسي والعقلي والفكري ينعكس على مدى نجاح المرحلتين، فاعتني بذلك الوضع وإياك أن تسمحي لتعاليم أو تقاليد أن تسيء اليه. المستقبل في يديك فاصنعي مستقبلا أفضل من حاضرك وماضيك. أتمنى لك التوفيق.
تقرير واشنطن : هل تحتفظين بذكرى جميلة عن حياتك السابقة في سوريا؟
د. وفاء سلطان : على الصعيد الشخصي معظم ذكرياتي جميلة، فأنا ولدت وتربيت في أسرة تحترم المرأة عموما وتعترف بحقوقها وضرورة تعليمها. الدليل على ذلك إيفادي إلى مدينة تبعد عن بلدتي مائتي ميل في أواسط السبعينات كي أتابع علومي الجامعية الطبية. صرفوا علي الكثير من الأموال ودعموني نفسيا. بعد شهرين من التحاقي بالجامعة تعرفت على زوجي وعشت معه قصة حب عمرها خمس سنوات، كللناها بزواجنا عندما كنت في السنة السادسة في كلية الطب. حياتي معه منذ يومها وحتى تاريخ اليوم قصة عشق لم تعشها جولييت مع روميو. أنا ملكة عرشه بلا منازع. لقد أشبعني حبا واحتراما وإحساسا بكياني كامرأة وكإنسانة، وهذا سر نجاحي. كل لحظة عشتها معه في سوريا ذكرى جميلة وأنا مدينة لتلك الذكريات. أما على الصعيد العام فمعظم ذكرياتي مأساوية. مارست الطبّ في بلدي لمدة ثمانية أعوام. دخلت من خلال تلك المهنة بيوت الناس قبل أن تدخلها الشمس، ولمست بكل جوارحي ما كان يجري وراء الأبواب الموصدة. أنا إنسانة مرهفة الحس، أمتص آلام الناس كالإسفنجة. لا أعرف إن كانت تلك الخاصة نقمة أم نعمة. هذه الآلام هي المنبع الذي أنهل منه عندما أكتب. يدّعون بأن مشكلتي مع الإسلام شخصية وقد نجمت عن تجارب مؤلمة عشتها، يضحكني إدعاءهم هذا. لم أكن قد تجاوزت عامي الثامن عشر عندما أوفدتني عائلتي إلى مدينة أخرى بعيدة جدا عن بلدتي كي أتابع دراساتي الجامعية معززة بأموال عائلتي وثقتها، أليس ذلك دليل عافية؟ ومنذ ذلك الحين وأنا ملكة أتربّع على منكبيّ رجل أحبني واحترمني بكل ما أوتي من قوة. فأين هي معاناتي؟ معاناة الناس في أوطاننا هي معاناتي وآلامهم هي آلامي، ولهذا أكتب وأستفيض!
تقرير واشنطن : هل يمكن أن تشركي قراء تقرير واشنطن في تفاصيل يوم عادي من حياتك؟
د. وفاء سلطان : لأسباب أمنيّة لا أستطيع أن أستفيض، فسيف الإٍسلام يطاردني. أستطيع أن أقول بأنه لا يختلف كثيرا عن يوم أية امرأة زوجة وأم وسيدة عاملة، بالإضافة إلى مسؤولياتي ككاتبة ومربيّة أجيال. أنا أم مثالية، علاقتي بأولادي تلتهم جلّ وقتي ولا ينافسني عليهم سوى شغفي بالقراءة. لا أنام سوى ساعات قليلة. أحبّ السكون وترهقني أخف الأصوات. زوجي وأولادي يلتزمون بنظام عائلي هادئ جدا احتراما لمشاعري. عالمي الداخلي صاخب ويضّج بالحياة، وهو يشبه إلى حد بعيد إحدى قاعات البورصة في وول ستريت، ولذلك أحتاج لنوع من التوازن بينه وبين عالمي الخارجي. بيتي هو مملكتي وأنا إنسانة سعيدة جدا. لي أصدقاء ونحن نلتقي دائما، أحبّهم ويحبونني ويتركون بصماتهم في حياتي كما أترك بصماتي في حياتهم.
أجرت المقابلة: فدوى مساط
عن موقع فدوى مساط http://www.fadouamassat.com/
5 commentaires:
ههههههههههههههههههههههههههههه
رجعتللللللللللللللللللللللك
غبيييييييييييييييييييييييييييي
اسعدني التعرف بمدونتك
وكذلك باللقاء الجميل مع د وفاء سلطان
دمت بود
Merci de nous avoir donné l'occasion de connaitre et de reconnaitre des gens qui ont le mérite d'être reconnu... des gens qui ont enfin pu voir clair et qui utilisent leur bon sens... contrairement à beaucoup de gens qui ne le font presque jamais.
الاسلام دين حق
والرسول صلى الله عليه وسلم منزه عن كل شيء
وما ينبغي لوفاء سلطان ولا لغيرها مقارنة نفسها به ..
ان كنت من أغنى نساء العالم اليوم
فالمسلم أغنى منها بغيمانه وعبادته
:
الثلاثاء 26 اغسطس 2008م
أريد من نشر هذا المقال تقديم مثال لما يمكن أن يصل إليه صحفي شاب لم يدخل الأزهر, أو يضع علي رأسه عمامة أو يدعي أنه من أهل الذكر.. إلخ, إنه صحفي كبقية الصحفيين, ولكن هذا لم يمنعه من أن يعني بقضية حاكت في نفسه,
كما حاكت في نفوس آخرين فقبلوها صاغرين, ولكنه وطن نفسه علي أن يدرسها ولم يثنه أنها مثبتة في البخاري وأن أعلام الأمة تقبلوها لأكثر من ألف عام, تلك هي قضية أن الرسول تزوج عائشة في سن السادسة وبني بها (أي دخل بها) في سن التاسعة بناءً علي ما جاء في البخاري (باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها 3894): حدثني فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «تزوجني النبي صلي الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين, فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين».
وجد الباحث في نفسه حمية للدفاع عن رسول الله (ص) لعلها لم توجد في غيره.
أعد نفسه لمقارعة تلك القضية, ولم يقنع بأن يفندها بمنطق الأرقام ومراجعة التواريخ, ولكنه أيضًا نقد سند الروايات التي روي بها أشهر الأحاديث الذي جاء في البخاري ومسلم, وأثبت في الحالتين ذكاءً, وأصاب نجاحًا. من ناحية التواريخ, عاد الصحفي الشاب إلي كتب السيرة (الكامل ــ تاريخ دمشق ــ سير أعلام النبلاء ــ تاريخ الطبري ــ تاريخ بغداد ــ وفيات الأعيات), فوجد أن البعثة النبوية استمرت 13 عامًا في مكة و 10 أعوام بالمدينة, وكانت بدء البعثة بالتاريخ الميلادي عام 610, وكانت الهجرة للمدينة عام 623م أي بعد 13 عامًا في مكة, وكانت وفاة النبي عام 633م والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول (ص) تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام, أي في عام 620م,
وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحي, وكانت تبلغ من العمر 6 سنوات, ودخل بها في نهاية العام الأول للهجرة أي في نهاية عام 623م, وكانت تبلغ 9 سنوات, وذلك ما يعني حسب التقويم الميلادي, أنها ولدت عام 614م, أي في السنة الرابعة من بدء الوحي حسب رواية البخاري, وهذا وهم كبير. ونقد الرواية تاريخيا بحساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبي بكر ــ ذات النطاقين): تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ 10 سنوات,
كما تروي ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ 27 عامًا ما يعني أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام 610م كان 14 سنة وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة 13 سنة وهي سنوات الدعوة النبوية في مكة, لأن ( 27 ــ 13 = 14 سنة ), وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ 10 سنوات, إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة) كان 4 سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة, أي أنها ولدت قبل بدء الوحي بـ 4 سنوات كاملات, وذلك عام 606م,
ومؤدي ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها في مكة في العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها 14 سنة, لأن (4 + 10 = 14 سنة) لأو بمعني آخر أن (عائشة) ولدت عام (606م) وتزوجت النبي سنة (620م) وهي في عمر (14) سنة, وأنه كما ذكر بني بها ـ دخل بها ـ بعد (3) سنوات وبضعة أشهر, أي في نهاية السنة الأولي من الهجرة وبداية الثانية عام (624م) فيصبح عمرها آنذاك (14 + 3 + 1 = 18 سنة كاملة) وهي السن الحقيقية التي تزوج فيها النبي الكريم (عائشة).
حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها (أسماء ـ ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة, وهي مقتل ابنها (عبدالله بن الزبير) علي يد (الحجاج) الطاغية الشهير, وذلك عام (73 هـ), وكانت تبلغ من العمر (100) سنة كاملة فلو قمنا بعملية طرح لعمر (أسماء) من عام وفاتها (73هـ) وهي تبلغ (100) سنة كاملة فيكون (100 ــ 73 = 27 سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية, وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور في المصادر التاريخية فإذا طرحنا من عمرها (10) سنوات,
وهي السنوات التي تكبر فيها أختها (عائشة) يصبح عمر (عائشة) (27 ــ 10 ــ 17 سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة ولو بني بها ـ دخل بها ـ النبي في العام الأول يكون عمرها آنذاك (17 + 1 = 18 سنة), وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبي. وما يعضد ذلك أيضًا أن (الطبري) يجزم بيقين في كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبي بكر) قد ولدوا في الجاهلية, وذلك ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح ويكشف ضعف رواية البخاري, لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت في العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية.
حساب عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبي: يذكر (ابن حجر) في (الإصابة) أن (فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة والنبي ابن (35) سنة, وأنها أسن ــ أكبر ــ من عائشة بـ (5) سنوات, وعلي هذه الرواية التي أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية, ولكن علي فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخاري) يكذب رواية (البخاري) ضمنيا, لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبي في عمر (35) سنة فهذا يعني أن (عائشة) ولدت والنبي يبلغ (40) سنة وهو بدء نزول الوحي عليه, ما يعني أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوي عدد سنوات الدعوة الإسلامية في مكة وهي (13) سنة وليس (9) سنوات وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد في رواية البخاري .
نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة: ذكر (ابن كثير) في (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم «ومن النساء.. أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله (صلي الله عليه وسلم) يدعو في خفية, ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة», وبالطبع هذه الرواية تدل علي أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام (4) من بدء البعثة النبوية بما يوازي عام (614م), ومعني ذلك أنها آمنت علي الأقل في عام (3) أي عام (613م) فلو أن (عائشة) علي حسب رواية (البخاري) ولدت في عام (4) من بدء الوحي معني ذلك أنها لم تكن علي ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام (4) من بدء الدعوة أو أنها كانت رضيعة, وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة, ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت في عام (4) قبل بدء الوحي أي عام (606م) ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (614م) يساوي (8) سنوات, وهو ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح للأحداث وينقض رواية البخاري.
أخرج البخاري نفسه (باب ـ جوار أبي بكر في عهد النبي) أن (عائشة) قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين, ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية, فلما ابتلي المسلمون خرج أبوبكر مهاجرًا قبل الحبشة), ولا أدري كيف أخرج البخاري هذا فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكرت, وتقول إن النبي كان يأتي بيتهم كل يوم وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات,
والمؤكد أن هجرة الحبشة إجماعًا بين كتب التاريخ كانت في عام (5) من بدء البعثة النبوية ما يوازي عام (615م), فلو صدقنا رواية البخاري أن عائشة ولدت عام (4) من بدء الدعوة عام (614م) فهذا يعني أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة, فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوي) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحًا, ولكن بالحساب الزمني الصحيح تكون (عائشة) في هذا الوقت تبلغ (4 قبل بدء الدعوة + 5 قبل هجرة الحبشة = 9 سنوات) وهو العمر الحقيقي لها آنذاك.
ولم يقنع المؤلف بهذه الحساب المقارن, بل إنه أجري أيضًا حساب عمر (عائشة) مقارنة بفاطمة الزهراء, مما لا يتسع له مجال المقال, ثم ختم الباحث بحثه بنقد السند فلاحظ أن الحديث الذي ذكر فيه سن (عائشة) جاء من خمسة طرق كلها تعود إلي هشام بن عروة, وأن هشام قال فيه ابن حجر في (هدي الساري) و(التهذيب): «قال عبدالرحمن بن يوسف بن خراش وكان مالك لا يرضاه, بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق, قدم ـ جاء ـ الكوفة ثلاث مرات ـ مرة ـ كان يقول: حدثني أبي, قال سمعت عائشة وقدم ـ جاء ـ الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة, وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة».
والمعني ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقاً في المدينة المنورة, ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء وبدأ (يدلس) أي ينسب الحديث لغير راويه, ثم بدأ يقول (عن) أبي, بدلاً من (سمعت أو حدثني), وفي علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثني) أقوي من قول الراوي (عن فلان), والحديث في البخاري هكذا يقول فيه هشام عن (أبي وليس (سمعت أو حدثني), وهو ما يؤيد الشك في سند الحديث, ثم النقطة الأهم وهي أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل,
فإذا طبقنا هذا علي الحديث الذي أخرجه البخاري لوجدنا أنه محقق, فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة, بل كلهم عراقيون مما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق بعد أن ساء حفظه, ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرًا طويلاً ولا يذكر حديثاً مثل هذا ولو مرة واحدة, لهذا فإننا لا نجد أي ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبي في كتاب (الموطأ) للإمام مالك وهو الذي رأي وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة, فكفي بهاتين العلتين للشك في سند الرواية السابقة انتهي.
أختم المقال بما قدمته به, أن هذا مثال لما يمكن أن يصل إليه باحث لم يتخرج في الأزهر ـ ربما بفضل عدم تخرجه في الأزهر ـ من تفنيد لقضية تقبلتها الأمة بالإجماع (كما يقولون), وفاتت علي الأئمة الأعلام, ولماذا لم يلحظ رئيس قسم الحديث بالأزهر هذا بدلاً من أن يتحفنا بفتوي إرضاع الكبير؟
* من هذا الباحث الذي قام بهذا التحقيق؟
ـ إنه الأستاذ «إسلام بحيري», وجاء بحثه في العدد زيرو (أي قبل الأول) ص 21 من جريدة «اليوم السابع» الذي صدر في 15/7/2008.
هذا مثال على ان هذه الدكتوره لم تبحث جيدا ولم تفعل مافعله الأستاذ إسلام البحيري ..
"وما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد"
الاسلام دين حق
والرسول صلى الله عليه وسلم منزه عن كل شيء
وما ينبغي لوفاء سلطان ولا لغيرها مقارنة نفسها به ..
ان كنت من أغنى نساء العالم اليوم
هنيئأ لك هذه الدنيا
:
الثلاثاء 26 اغسطس 2008م
أريد من نشر هذا المقال تقديم مثال لما يمكن أن يصل إليه صحفي شاب لم يدخل الأزهر, أو يضع علي رأسه عمامة أو يدعي أنه من أهل الذكر.. إلخ, إنه صحفي كبقية الصحفيين, ولكن هذا لم يمنعه من أن يعني بقضية حاكت في نفسه,
كما حاكت في نفوس آخرين فقبلوها صاغرين, ولكنه وطن نفسه علي أن يدرسها ولم يثنه أنها مثبتة في البخاري وأن أعلام الأمة تقبلوها لأكثر من ألف عام, تلك هي قضية أن الرسول تزوج عائشة في سن السادسة وبني بها (أي دخل بها) في سن التاسعة بناءً علي ما جاء في البخاري (باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها 3894): حدثني فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «تزوجني النبي صلي الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين, فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين».
وجد الباحث في نفسه حمية للدفاع عن رسول الله (ص) لعلها لم توجد في غيره.
أعد نفسه لمقارعة تلك القضية, ولم يقنع بأن يفندها بمنطق الأرقام ومراجعة التواريخ, ولكنه أيضًا نقد سند الروايات التي روي بها أشهر الأحاديث الذي جاء في البخاري ومسلم, وأثبت في الحالتين ذكاءً, وأصاب نجاحًا. من ناحية التواريخ, عاد الصحفي الشاب إلي كتب السيرة (الكامل ــ تاريخ دمشق ــ سير أعلام النبلاء ــ تاريخ الطبري ــ تاريخ بغداد ــ وفيات الأعيات), فوجد أن البعثة النبوية استمرت 13 عامًا في مكة و 10 أعوام بالمدينة, وكانت بدء البعثة بالتاريخ الميلادي عام 610, وكانت الهجرة للمدينة عام 623م أي بعد 13 عامًا في مكة, وكانت وفاة النبي عام 633م والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول (ص) تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام, أي في عام 620م,
وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحي, وكانت تبلغ من العمر 6 سنوات, ودخل بها في نهاية العام الأول للهجرة أي في نهاية عام 623م, وكانت تبلغ 9 سنوات, وذلك ما يعني حسب التقويم الميلادي, أنها ولدت عام 614م, أي في السنة الرابعة من بدء الوحي حسب رواية البخاري, وهذا وهم كبير. ونقد الرواية تاريخيا بحساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبي بكر ــ ذات النطاقين): تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ 10 سنوات,
كما تروي ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ 27 عامًا ما يعني أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام 610م كان 14 سنة وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة 13 سنة وهي سنوات الدعوة النبوية في مكة, لأن ( 27 ــ 13 = 14 سنة ), وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ 10 سنوات, إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة) كان 4 سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة, أي أنها ولدت قبل بدء الوحي بـ 4 سنوات كاملات, وذلك عام 606م,
ومؤدي ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها في مكة في العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها 14 سنة, لأن (4 + 10 = 14 سنة) لأو بمعني آخر أن (عائشة) ولدت عام (606م) وتزوجت النبي سنة (620م) وهي في عمر (14) سنة, وأنه كما ذكر بني بها ـ دخل بها ـ بعد (3) سنوات وبضعة أشهر, أي في نهاية السنة الأولي من الهجرة وبداية الثانية عام (624م) فيصبح عمرها آنذاك (14 + 3 + 1 = 18 سنة كاملة) وهي السن الحقيقية التي تزوج فيها النبي الكريم (عائشة).
حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها (أسماء ـ ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة, وهي مقتل ابنها (عبدالله بن الزبير) علي يد (الحجاج) الطاغية الشهير, وذلك عام (73 هـ), وكانت تبلغ من العمر (100) سنة كاملة فلو قمنا بعملية طرح لعمر (أسماء) من عام وفاتها (73هـ) وهي تبلغ (100) سنة كاملة فيكون (100 ــ 73 = 27 سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية, وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور في المصادر التاريخية فإذا طرحنا من عمرها (10) سنوات,
وهي السنوات التي تكبر فيها أختها (عائشة) يصبح عمر (عائشة) (27 ــ 10 ــ 17 سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة ولو بني بها ـ دخل بها ـ النبي في العام الأول يكون عمرها آنذاك (17 + 1 = 18 سنة), وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبي. وما يعضد ذلك أيضًا أن (الطبري) يجزم بيقين في كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبي بكر) قد ولدوا في الجاهلية, وذلك ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح ويكشف ضعف رواية البخاري, لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت في العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية.
حساب عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبي: يذكر (ابن حجر) في (الإصابة) أن (فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة والنبي ابن (35) سنة, وأنها أسن ــ أكبر ــ من عائشة بـ (5) سنوات, وعلي هذه الرواية التي أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية, ولكن علي فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخاري) يكذب رواية (البخاري) ضمنيا, لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبي في عمر (35) سنة فهذا يعني أن (عائشة) ولدت والنبي يبلغ (40) سنة وهو بدء نزول الوحي عليه, ما يعني أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوي عدد سنوات الدعوة الإسلامية في مكة وهي (13) سنة وليس (9) سنوات وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد في رواية البخاري .
نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة: ذكر (ابن كثير) في (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم «ومن النساء.. أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله (صلي الله عليه وسلم) يدعو في خفية, ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة», وبالطبع هذه الرواية تدل علي أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام (4) من بدء البعثة النبوية بما يوازي عام (614م), ومعني ذلك أنها آمنت علي الأقل في عام (3) أي عام (613م) فلو أن (عائشة) علي حسب رواية (البخاري) ولدت في عام (4) من بدء الوحي معني ذلك أنها لم تكن علي ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام (4) من بدء الدعوة أو أنها كانت رضيعة, وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة, ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت في عام (4) قبل بدء الوحي أي عام (606م) ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (614م) يساوي (8) سنوات, وهو ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح للأحداث وينقض رواية البخاري.
أخرج البخاري نفسه (باب ـ جوار أبي بكر في عهد النبي) أن (عائشة) قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين, ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية, فلما ابتلي المسلمون خرج أبوبكر مهاجرًا قبل الحبشة), ولا أدري كيف أخرج البخاري هذا فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكرت, وتقول إن النبي كان يأتي بيتهم كل يوم وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات,
والمؤكد أن هجرة الحبشة إجماعًا بين كتب التاريخ كانت في عام (5) من بدء البعثة النبوية ما يوازي عام (615م), فلو صدقنا رواية البخاري أن عائشة ولدت عام (4) من بدء الدعوة عام (614م) فهذا يعني أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة, فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوي) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحًا, ولكن بالحساب الزمني الصحيح تكون (عائشة) في هذا الوقت تبلغ (4 قبل بدء الدعوة + 5 قبل هجرة الحبشة = 9 سنوات) وهو العمر الحقيقي لها آنذاك.
ولم يقنع المؤلف بهذه الحساب المقارن, بل إنه أجري أيضًا حساب عمر (عائشة) مقارنة بفاطمة الزهراء, مما لا يتسع له مجال المقال, ثم ختم الباحث بحثه بنقد السند فلاحظ أن الحديث الذي ذكر فيه سن (عائشة) جاء من خمسة طرق كلها تعود إلي هشام بن عروة, وأن هشام قال فيه ابن حجر في (هدي الساري) و(التهذيب): «قال عبدالرحمن بن يوسف بن خراش وكان مالك لا يرضاه, بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق, قدم ـ جاء ـ الكوفة ثلاث مرات ـ مرة ـ كان يقول: حدثني أبي, قال سمعت عائشة وقدم ـ جاء ـ الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة, وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة».
والمعني ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقاً في المدينة المنورة, ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء وبدأ (يدلس) أي ينسب الحديث لغير راويه, ثم بدأ يقول (عن) أبي, بدلاً من (سمعت أو حدثني), وفي علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثني) أقوي من قول الراوي (عن فلان), والحديث في البخاري هكذا يقول فيه هشام عن (أبي وليس (سمعت أو حدثني), وهو ما يؤيد الشك في سند الحديث, ثم النقطة الأهم وهي أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل,
فإذا طبقنا هذا علي الحديث الذي أخرجه البخاري لوجدنا أنه محقق, فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة, بل كلهم عراقيون مما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق بعد أن ساء حفظه, ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرًا طويلاً ولا يذكر حديثاً مثل هذا ولو مرة واحدة, لهذا فإننا لا نجد أي ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبي في كتاب (الموطأ) للإمام مالك وهو الذي رأي وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة, فكفي بهاتين العلتين للشك في سند الرواية السابقة انتهي.
أختم المقال بما قدمته به, أن هذا مثال لما يمكن أن يصل إليه باحث لم يتخرج في الأزهر ـ ربما بفضل عدم تخرجه في الأزهر ـ من تفنيد لقضية تقبلتها الأمة بالإجماع (كما يقولون), وفاتت علي الأئمة الأعلام, ولماذا لم يلحظ رئيس قسم الحديث بالأزهر هذا بدلاً من أن يتحفنا بفتوي إرضاع الكبير؟
* من هذا الباحث الذي قام بهذا التحقيق؟
ـ إنه الأستاذ «إسلام بحيري», وجاء بحثه في العدد زيرو (أي قبل الأول) ص 21 من جريدة «اليوم السابع» الذي صدر في 15/7/2008.
هذا مثال على ان هذه الدكتوره لم تبحث جيدا ولم تفعل مافعله الأستاذ إسلام البحيري ..
"وما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد"
Enregistrer un commentaire